إيمان جمال الدين… ليست كل ملايين المشاهدات ضجيجًا، بعضها يعيد الإنسان إلى نفسه


في عالمٍ رقمي تحكمه السرعة وتتصدره الرسائل السطحية، تبرز تجربة إيمان جمال الدين بوصفها نموذجًا مختلفًا لمحتوى يراهن على العمق لا الإثارة، وعلى المعنى لا الضجيج. صانعة المحتوى والكاتبة وصاحبة كتاب «خلطة الأنوثة السحرية»، استطاعت أن تخلق مساحة واعية تخاطب الإنسان من الداخل، وتعيد تعريف العلاقة مع الذات، خصوصًا لدى المرأة.


قدّمت إيمان جمال الدين خطابًا يستند في جوهره إلى معانٍ قرآنية وإنسانية، تُطرح بلغة معاصرة هادئة، بعيدة عن الوعظ المباشر أو النبرة المتعالية. محتوى لا يفرض أفكارًا بقدر ما يفتح أبواب التأمل، ويترك للمُتلقي فرصة إعادة النظر في مفاهيمه عن نفسه، وقيمته، ومعنى الأنوثة الحقيقية.


هذا التوجّه المختلف انعكس بوضوح على حجم التفاعل، حيث حققت مقاطعها ملايين المشاهدات عبر المنصات الرقمية، وتجاوزت العديد من فيديوهاتها مئات الآلاف من المشاهدات، فيما تخطى بعضها حاجز المليون مشاهدة للفيديو الواحد. إلا أن اللافت في هذه الأرقام ليس الكم فقط، بل طبيعة التفاعل المصاحب لها، من تعليقات وشهادات تؤكد حدوث تغيّر حقيقي في الوعي ونظرة الذات.


ويرتكز خطاب إيمان جمال الدين على مفاهيم محورية مثل الكرامة، والسكينة، ومعرفة النفس، باعتبارها أساسًا لإعادة بناء الإنسان من الداخل، لا وفق قوالب اجتماعية جاهزة أو معايير شكلية مفروضة. فهي ترى أن الأنوثة ليست صورة تُصنَع، بل حالة وعي تُستعاد، وهو ما يفسر وصول رسالتها إلى شرائح واسعة تبحث عن الاتزان وسط تشويش الخطاب الرقمي.


ويأتي كتابها «خلطة الأنوثة السحرية» امتدادًا طبيعيًا لهذه الرؤية، حيث يقدّم قراءة معاصرة لمفهوم الأنوثة بوصفها هوية إنسانية متزنة، تنطلق من المعنى قبل الشكل، ومن السلام الداخلي قبل أي تعريف خارجي. كتاب لا يقدّم وصفات جاهزة، بل يفتح مسارًا للتفكير وإعادة الاكتشاف.


وتؤكد إيمان جمال الدين أن رسالتها تقوم على إعادة وصل الإنسان بنفسه عبر خطاب صادق وبسيط، معتبرة أن الانتشار الواسع لهذا المحتوى يعكس تعطّشًا حقيقيًا لرسائل تجمع بين العمق الروحي واللغة العصرية، وتمنح المتلقي لحظة وعي وسط صخب لا يتوقف.


هكذا، تثبت تجربة إيمان جمال الدين أن ملايين المشاهدات ليست دائمًا ضجيجًا، بل قد تكون أحيانًا صوتًا خافتًا يعيد الإنسان إلى نفسه.

أحدث أقدم